علم نفس الشر – احنا وحشين ولا كويسين؟ و هل الخير و الشر فعلا موجودين؟

يعنى أيه علم نفس الشر؟ و هل علم نفس الشر ده ليه وجود؟ هو ده مصطلح علمى اصلاً؟ طيب ليه مسمعناش عنه قبل كدة؟ طيب هل فعلا الشر موجود جوة كل نفس بشرية علشان كدة الفرع ده من العلم اتوجد؟ طيب و هل علم نفس الشر ده وفر لنا شرح واضح ومفصل عن الأسئلة دى؟



سنة 2003 قامت حرب العراق، وفيديوهات وصور التعذيب في سجن ابو غريب ابتدت تبقى بث يومي على كل قنوات الأخبار، و بقينا فى حالة ذهول من اللى بنشوفه، أتذكر ان فى الايام دى امى كانت بتبكى من المشاهد اللى كنا بنشوفها فى التلفزيون، و كانت مستنكرة اللى بيحصل جداً، وديما كانت بتكرر جملة ” دول مستحيل يكونوا بشر زينا”



فهل فعلا دول بشر زينا؟


سنة 1963 ستانلي ميلجرام (عالم نفس بجامعة يال) عمل تجربة سماها   The Obedience أو الانصياع.
و ده بسبب تأثره بأحداث الهولوكوست (محرقة اليهود)، فقرر يعمل التجربة دى عشان يشوف رد الفعل الناس هيكون ايه لو كانوا عايشين فى زمن هتلر و اتأمروا انهم يقتلوا اي شخص يهودي يقابلوه زى ما كان بيحصل (او هكذا يقال يعنى).

التجربة كانت فكرتها ان مجموعة من الأشخاص هتقعد قدام جهاز صدمات كهربية متوصل بشخص تانى، و فى دكتور مراقب على الجهاز ده وهو اللى بيخلى الناس تزود من شدة الصدمة الكهربية كإنصياع لطلباته و اوامره و ادعائه انه هيتحمل كل العواقب اللى هتترتب على الفعل ده.

علم نفس الشر

نتائج التجربة (اللى اتكررت حوالي 60 مرة) اثبتت ان 65% من الناس اللى اتعمل عليهم التجربة صعقوا الأشخاص التانية بأكبر صدمة كهربية موجودة فى الجهاز اللى هى 450 فولت!



ليست الرغبة في الخضوع للقوانين هى التى تلزم الجميع بما يفرضه المجتمع، بل الخوف من العقاب، كل منا يحمل مشنقة فى أعماقه.. باولو كويلو- الشيطان والآنسة بريم.


فى 1971 الدكتور النفسى فيليب زيمباردو (اللى كان ساعتها لسه طالب) عمل تجربة مشهورة جدا إسمها Stanford Prison أو سجن ستانفورد، وكان الهدف من التجربة هو دراسة السلوك البشري في حالة التعرض لبعض الظروف المتطرفة زى توفر السلطة التامة المطلقة.


زيمباردو قسم عدد من الطلبة لمجموعتين، النص الأول كانوا بيلعبوا دور السجناء، و النص التانى لعبوا دور السجانين.
وأصر أنه يزيد من واقعية التجربة، فخلى مجموعة من المتنكرين بزي الشرطة يروحوا يقبضوا على الكام شاب اللى هيلعبوا دور السجناء دول، و يعاملهوم زى المجرمين.

علم نفس الشر
Stanford Prison تجربة سجن ستانفورد



بعد 3 أيام من استمرار التجربة، ابتدت تظهر تصرفات غريبة جدا، و ابتدوا السجناء(اللى مفروض بيلعبوا دور السجناء)  يدخلوا فى حالة من الاحباط و السوداوية و يفتعلوا شغب وأعمال عنف بشكل متواصل، و السجانين ابتدت تصدر منهم تصرفات سادية مفجعة، و ابتدوا فعلا يعذبوا صحابهم السجناء(أو اللى مفروض بيلعبوا دور السجناء) و فى ظرف 6 أيام ابتدت تظهر انهيارات عصبية بين السجناء، و زيمباردو اضطر ينهى التجربة بسبب البشاعة اللى حصلت، و خاف انها فعلا تأثر على الطلبة دول بطريقة سلبية لأنهم على حسب قوله يعنى كانوا اشخاص اسوياء و معتدلين جدا.

 

“إن للخير والشر وجها واحداً، كل شئ يتعلق باللحظة التي يلتقيان فيها بالكائن البشري وهو فى طريقه.. باولو كويلو- الشيطان والآنسة بريم”.  



جون واتسون (عالم النفس السلوكي) عمل دراسة على ال Behavior بتاع الجنود فى الحروب فى مختلف الثقافات، و علاقته بطريقة لبسهم و تغطيتهم لجسمهم عموما.
النتيجة كانت 12 من كل 13 جندى بيقتلوا و بيعذبوا ضحاياهم فى حالة إذا كانوا لابسيين زى معين (زي الزي المموه) أو داهنين جسمهم بطريقة معينة(زى معظم التجمعات القبلية).
و جندى واحد بس من كل 13 جندى  مكانوش لابسين اى زى حربى او مموه او داهنين أجسامهم بطريقة معينة هو اللى قتل و عذب.

علم نفس الشر
جندى مموه من القبائل الأفريقية


و طبعا  الاستنتاج ان كل مازاد التمويه و التخفي ورا الهيئة الخارجية، كل ما الشخص تدنى فى مستوى أفعاله، و تجرد من انسانيته.

فى 2008 (بعد دخول امريكا العراق ب 5 سنين) زمباردو في Speech ليه على TED ناقش تجاربه اللى عملها من اكتر من 35 سنة و اللى ألف عنها كتاب سماه The Lucifer Effect أو تأثير الشيطان.


وكان تفسيره لسنين دراسته الطويلة دى..


إن الخير والشر مش مفاهيم مطلقة، و مافيش مابينهم خط واضح وصريح زى ما كلنا متخيلين، وأن الشر بمفهومه المتداول ما هو إلا نتاج للسلطة المطلقة اللى بتُظهر أقبح ما في النفس البشرية.
و إن إلقاء اللوم على الضباط اللى عذبوا الناس في ابو غريب او فى الطلبة اللى لعبوا دور السجانين، مش صح لأن المشكلة مش فى الأفراد و لكن المشكلة فى المؤسسات اللى هيئت الظروف دى للأفراد دول دون أدنى رقابة.
و إن طمس هوية الإنسان فى سبيل انه يكون جزء من قطيع، و ينصاع لأي أوامر توجه له من غير ما يفكر او يبقى له الحق في التفكير، ده قادر على تحويل أودع الحُملان لأكثر الشياطين شراً!



بس زى ما دراسته أثبتت أن الأغلبية العظمى من البشر فيهم نزعة سادية مجرمة بتظهر تحت ظروف معينة، بردو اثبتت ان فى نسبة لم تنصاع، و متجردتش من إنسانيتها تحت الظروف دى.


علم نفس الشر:


و ده يودينا لنقطة ان علم النفس دوره هو فهم النفس البشرية مش  التماس الأعذار لتشوهات النفس البشرية، دوره هو تفسير سيكولوجية كل شخص اقدم على اي فعل مهما كانت الدوافع، علم النفس دوره انه يفهم ليه احتمالية إقدام الانسان على افعال سادية زى دى موجودة اصلاً!

ومن هنا ظهر علم نفس الشر، و من هنا رؤيتنا للخير والشر كنقيضين اختلفت و مبقاش الخير ده اللى بيكسب فى الاخر زى ما بنشوف فى الافلام، و لا الشر متجسد في شكل شخصية مرعبة بترهب الناس و البطل بيقضى عليها فى الاخر، و بنعيش فى سعادة أبدية،
بل  وارد جدا ان اصغر تصرف سلبي بيتولد من وراه أعظم الشرور، و اقل تصرف إيجابي ممكن ينقذ الإنسانية كلها!

هتلر كان ممكن يبقى مهندس معمارى او رسام فى يوم من الأيام، بس البنت اليهودية اللى حبها و رفضته كانت سبب فى انه يحرق اليهود كلهم (هكذا يقال).

اترك تعليق